ليلة بكى فيها القمر

من طرف بقايا إنسان الأحد 28 مارس 2010, 9:33 pm

لماذا اختفيتي..استيقظت من النوم فلم أجدكي.. فراغ كبير تركتيه من ورائك.. بحثت عنكي في كل ركن في حياتي .. نزلت إلشارع .. أبحث عنكي في الطرقات.. أسأل كل من أقابله عليكي.. ألم يرها أحد .. لم يعد لأكلي طعم.. لم يعد لشرابي طعم.. لم يعد لحياتي طعم.. لم أجدكي .. الشمس بدأت تنسحب من السماء .. خرجت إلى خارج البلدة .. خرجت إلى الصحراء القاحلة هائما على وجهي .. أبحث عنكي .. أسدل الليل ستائره السوداء الحزينة على المكان .. لا أرى أمامي إلا صورة من ذكرياتك .. أنادي عليكي بأعلى صوتي وأنا اجري وأجري لا أدري إلى أين تأخذني قدماي .. ترى هل سأراكي ثانية أم ستكون هذه آخر ليلة في حياتي.. تعبت .. بدأت تخور قواي .. سقطت على الرمال الدافئه .. مرّ عليّ شريط الذكريات ودفئ الأيام الخوالي .. سقطت دمعه من عيني .. شعرت أن روحي تخرج من جسدي .. ذهبت في غفوة قصيرة .. شعرت بعدها بضوء خافت بدأ يسطع من خلف التل البعيد .. إنه نور القمر الذي بدأ يشرق من الأفق البعيد .. استجمعت قواي .. سرت بخطى مترنّحة أجرّ قدماي باتجاه نور القمر .. صعدت التل البعيد .. عندما وصلت إلى قمته رأيت منظرا جميلا لن أنساه ما حييت.. رأيت القمر يسدي بنوره على بحر عظيم .. أنواره تتلألأ على سطح البحر كسلاسل فضية منثوره.. ذهبت بنظري لبعيد.. رأيت جزيرة بعيده .. في وسطها كوخ قديم .. رجعت بي ذكرياتي للوراء .. تذكّرت هذا الكوخ القديم الذي وجدتكي فيه من قبل.. نزلت أجري باتجاه البحر .. قفزت في البحر أسبح .. المسافه بعييييده .. ولكنّي استجمعت ما تبقّى من قواي وعزمت أن أصل للجزيرة .. أخذت الأمواج العالية تتلاطمني يمينا وشمالا ... تحمّلت كل الصعاب حتى وصلت شاطئ الجزيرة.. حاولت أن أجري باتجاه الكوخ القديم .. امشي خطوه ..أسقط خطوتين .. أزحف على وجهي .. حتى وصلت باب الكوخ .. ضوءه الخافت يضفي على المكان شاعريه وهدوءا جميلا ... اقتربت أكثر من الباب .. فتحت الباب .. أبعدت خيوط العنكبوت التي كست بابه .. رأيت سيدة عجوز توقد مصباحا في طرف الكوخ .. سألتها عليكي .. أشارت بعصاها نحو النافذة التي علتها ستائر باليه يمر من خلالها بعض من ضوء القمر .. قالت لي: "تركت لك رسالة .. ورحلت " أخذت الرسالة .. فتحتها ويداي ترتجفان .. قرأتها ..........

.... قرأتها .. قرأت الرسالة التي تركتيها مع السيدة العجوز في ذاك الكوخ القديم .. نفس الجرح القديم.. جئتي وغرستي كفيكي فيه .. بعد أن بدأ يتماثل للشفاء .. بعد أن بدأت أتناساه .. بعد أن جفت دموعي .. جئتي و جرحتيني في نفس المكان .. ولكن هذه المره الجرح غائر .. لماذا انسحبتي فجأة من حياتي .. الآن فقط قوي قلبك وقسى .. لم أكن أظن يوما أن قلبك به قطعة قاسية بهذا الشكل .. خلاص .. استطعتي أن تقوليها .. إستطعتي قول كلمات الوداع الصعبة.. وقد كنت قلت لكي من قبل "ما أصعب لحظات الوداع" .. قلبي يكاد ينخلع من مكانه .. قلبي يكاد يتوقّف عن النبض .. سقطت منّي الرسالة على الأرض .. كدت أسقط وراءها .. تمالكت نفسي .. جريت باتجاه الشاطئ .. رأيت مركبا صغيرا به مصباح خافت يسير في عرض البحر .. يبتعد ويبتعد .. بدأ يختفي بين سلاسل ضوء القمر الفضية .. وكأنكي اخترتي الهروب من الأرض كلها وتشبّثتي في هذه السلاسل ورحلتي للقمر .. ناديت عليكي بأعلى صوتي ..ناديت عليكي والدموع تخنق صوتي .. لم تسمعيني .. أو ربما سمعتيني ولكن لا تريدي أن تنظري خلفك وتري الدموع في عيناي .. لا تريدي أن تجددي جراحك مرة أخرى .. وجدت مركبا صغيرا يرسو على الشاطئ .. حاولت أن أتبعكي .. أجدّف بكل ما تبقّى لي من قوة .. رغم دموعي المتساقطه .. وقلبي الذي ينزف بشدة .. أنادي عليكي .. لا أجدها .. أين ذهبت .. خارت قواي .. لم أعد أقوى على مواصلة المشوار .. وجدت نفسي في عرض البحر وحيدا .. وجدت نفسي في بحر الأحزان .. لا أسمع إلا صوت الموج .. وكأنّ البحر يواسيني مع كل موجه يرسلها نحوي .. تركتيني ولم تتركي لي شيئا يذكّرني بكي إلا الحيره والأحزان .. رميت المجداف .. سلّمت مركبي للبحر ... نمت على ظهري أنظر إلى القمر الحزين .. هبّت نسمات دافئة ذكّرتني بدفئ قلبك ومشاعرك التي وهبتها لي يوما ما .. ظهرت سحابه صغيره في السماء .. بدأت السماء تبكي كما بكى القمر من قبل .. أغمضت عيناي .... انتظر الموت .. ... ..